الصفحات

المكتب الاقليمي للجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي .

الأعضــاء

يتم التشغيل بواسطة Blogger.


عمر الدريسي

الرياضة نشاط انساني يعبر عن أسمى القيم الحضارية عبر التاريخ، وكانت دائما معيارا للرقي والتميز داخل المجتمعات كالعلم والحكمة والسياسة(العقل السليم في الجسم السليم). ولهذا أصبحت الرياضةفن من الفنون الراقية لدى الإنسان و رسالة تواصل مابين الأمم تحمل السلام والتعارف مابين مختلف شعوب العالم(شعار الألعاب الأولمبية ورسالتها الكونية).

في القرن العشرين ومع التقدم الهائل في التقنيات الصناعية والمالية والتكنولوجية، الثقافية والفنية، بحيث تجلت المنافسة بين الأمم العظمى في جميع المجالات، لم تكن الرياضة إلا أحد أبرز هذه المنافسات. فهي حاملة لكل ماهو وطني، رسالة سلام حضارية إلى كل متنافس سواء في الرياضات الفردية، الجماعية أو الذهنية. إنها وسيلة إبلاغ واضحة على نجاح نظام سياسي، مجتمعي، مؤسساتي، إيديولوجي، حضاري، إنساني، تكويني، تعليمي وتربوي. عبر جميع الملتقيات الدولية، تجذ المنافسة على أشدها بين الدول؛ سابقا مابين المعسكر الشرقي بقيادة الإتحاد السوفياتي، والغربي بقيادة الولايات المتحدة، وكانت السيطرة على سبورة الميداليات تعتبر أكبر شهادة تقدير لسياسيي وحكام تلك الدول. في الألعاب الأولمبية الأخيرة ومع تعدد الأقطاب في عصرنا الحالي، ظهر طموح التنين الصيني جليا في منافسة التفوق الأمريكي. إن الرياضة هي أسمى نشاط بدني وتربوي ونفسي يعكس صورة البلد، ومستواها الحضاري بين الأمم والبلدان الأخرى,

عرف القطاع الرياضي في بلادنا العديد من الإرتجاجات، التي وصل مداها إلى قلوب جميع المغاربة داخل الوطن وعبر العالم، الكل يفرح لكل تتويج وكل إنجازمهما كان متواضعا سيما وأن عزف النشيد الوطني وحمل العلم المغربي يعتبران من أسمى الغايات. إلا أن هذا المشهد بات غائبا في السنوات الأخيرة وخاصة في المنافسات الدولية المحترمة الفردية منها والجماعية، كانت جهوية، قارية أوعالمية. الجمهور المغربي وللأسف أرغم على الهجرة الذهنية والنفسية عبر شاشات التلفزة إلى مختلف الملاعب خارج الوطن، وأصبح يصفق ويهتف لغير أبناء جلدته من الأبطال والفرق، الفتيان الصغار غذى حلما لهم ومفخرة أن يرتدوا قميص أو بدلة رياضية لرونالدو، لاعب فريق ريال مدريد، أو ميسي لاعب البارصا، ويكره استبدالها بقميص أحد اللاعبين المغاربة، يالها من مفارقة عجيبة وغريبة، تنأى كل نفس حرة وطنية مغربية حتى من تخيلها؟.

إذا رجعنا إلى أبطالنا الأولمبيين، سعيد عويطة، نوال المتوكل، السكاح، نزهة بدوان و هشام الكروج، وأبطال رياضة الملاكمة وآخرون على الصعيد الفردي. وعلى صعيد الفرق أستشهد بكرة القدم وهي الأكثر جماهيرية في المغرب، انجاز كأس إفريقيا بأديس أبابا سنة 1976، أول وآخر تتويج قاري إلى حد الساعة، عالميا التأهل للدور الثاني خلال نهائيات مونديال مكسيكو 1986. لنقارن تواضع الميزانيات المرصودة أنذاك و نوعية الرياضيين اللذين لم يبخلوا في الجهد والعطاء من أجل رفع راية البلد عاليا وليس من أجل الشهرة وتقوية السير الذاتية وجني الأرباح والتعويضات دون سداد شيء يذكر للبلاد، سوى الهزائم وتذييل قوائم ولوائح المشاركيين. مسؤولي الرياضة في تلك الفترات، أعينهم على الأبطال الحققيين وليس على الميزانيات والعلاوات والسفريات والصفقات والترقي الإجتماعي الفظ، ولو على حساب ضرائب ومساهمات المواطنين، وجلب النكسات تلو الهزائم دون رقيب يشير،ولا ضمير يؤنب، ولامحاسبة ذاتية قبل المجتمعية ولما لا القضائية؟.

إلا أن الأمر الأكثر حيرة هو لماذا استقدام أطر أجنبية بأجور لاتتوفر حتى في البلدان الأكثر غنى من المغرب؟. ولماذا استبعاد الأطر الوطنية ذات الكفاءة، والتي ستدافع عن سمعة الوطن والبلد والمواطنين، تعمل لتبني أجيال للوطن، وتفرح لإنتصار الوطن وتتألم للهزيمة؟. عكس الإطار الأجنبي الذي لايهمه بكاء وحسرة الجمهور المغربي الذي يعرف قيمة الوطن لا الإحتجاجات بكل تلاوينها، الإطار الأجنبي لايلتفت إلى تمريغ إسم المغرب في التراب، لايفهم حضارة أكثر من 1200 عام، قاومت كل من طمع في تراب ورمل وجبال وبحر المغرب من وندال وفنيقيين ورومان إلى الصلبيين والمستعمريين، سمعة المغرب التي احترمها كل من عرف المغرب والمغاربة عن حقيقتهم، لاتهم البتة هذا الأجنبي مهما قال وادعى.

الموضوع شائك، له مخلفات تدمي القلب، هزائم مبكية مضحكة....الأسود دائما منهزمون؟. المبارة الأخيرة ياسادة، طفى الكيل، فريق وطني مغربي ضد المزمبيق، وكأنه يبحث عن الذات، لاخطة، لاطكتيك، لاانسجام، لاتغييرات المدرب في محلها، لطف الله أن الفريق المزمبيقي لم يكن قويا، وإلا كانت الهزيمة بعدد أهداف مباريات الركبي.

أبهذا مدرب، ومع كل هذه السنوات مع المنتخب المغربي، ولم يستطع جمع 11 لعبا قويا، كل في مركزه داخل الملعب وبخطة مدروسة ومحكمة؟. هل يريد تعويضات أكثر؟ أجر زيادة؟. لنفرض جدلا أن حكومتنا الموقرة أمام هذه الكوارث الرياضية، وبتلك الميزانيات الفلكية المرصودة لها، استحدثت خلية أزمة، وأعلنت حل جميع الجامعات الرياضية، وأخذت ميزانيتها لإقامة مشاريع مذرة للدخل ووظفت بهم جيوش الفتيات والشابات العاطلات و الشباب والرجال العاطلين اللذين يتوفون في صمت أمام أعين عائلاتهم، تفنى زهرة شبابهم في الإنتظارية المقيتة ولا من يسأل، فقراء محرومون حتى من لقمة العيش الأساسية للإستمرار في الحياة، مابالك الحياة الكريمة أو الصحة. السيد غيريتس له كلب محظوظ (ولله أني أحسده...) يحظى بعناية تامة، لن يحلم بها أبدا جل من يبكي ويتألم على هزيمة المنتخب المغربي لكرة القدم؟. أي مفارقة وأي جنون هذا؟. ستكون الحكومة بفعلها هذا قد ربحت سيايسيا واقتصاديا واجتماعيا في الداخل وتشجيعات المواطنين ولاشك، وأيضا ربحت سمعة طيبة للمغرب على الصعيد الخارجي، ببعث رسالة حضارية مفادها؛ المغاربة لايرضون الهزيمة ولو رياضيا، وأنهم لم يقصروا في صرف الأمول واستجلاب الأطر واللاعبيين وبناء البنيات التحية، إلا أنهم الآن، وأمام تواضع النتائج، وبشجاعة كبيرة، قررت الحكومة حل جميع الجامعات وإعادة هيكلتها ببرامج تدبيرية ومنهجية وعلمية محكمة، تكون دائما تحت المراقبة والإستفسار، غايتها المنافسة الرياضية الشريفة والسليمة مابين الدول، وتحقيق النتائج الطبية احتراما لسمعة الوطن والمواطن المغربي، وصونا لكرامته وقيمه وحضارته.

 عمر الدريسي سلك الإجازة، شعبة الإعلام والتواصل كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

صفحتي على الفايس بوك

ما تقييمك للموقع؟

فضائح نائب التعليم بتاونات

تطالب برحيل النائب الإقليمي UMT

إحتجاجات غير مسبوقة بتاونات

عدد الصفحات التي تمت زيارتها