الصفحات

المكتب الاقليمي للجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي .

الأعضــاء

يتم التشغيل بواسطة Blogger.


تنتظر الكائنات السياسية التي تؤتت نظامنا السياسي أي مناسبة دينية لكي تستغلها من أجل امتهان كرامة المواطنين المغاربة واحتقار آدميتهم، فهذا الكائن السياسي يوزع قفة فيها زيت وسكر وذاك الكائن يوزع سمك، وآخر يوزع الدجاج. دون أن تُسائل تلك الكائنات السياسية نفسها عن لماذا يوجد أمثال هؤلاء الفقراء في البلد الذي يشرفون على تدبير أموره؟ ولماذا يطأ المواطن على كرامته ويصطف في طوابير وأمام الكاميرات من أجل تسلم سمكة أو دجاجة أو زيت؟

يجب أن تعلم الكائنات السياسية التي تستغل فقر المغاربة وتمتهن كرامتهم، أن من يقف أمامهم في الطوابير هم فئة قليلة جدا مقارنة بأعداد الفقراء في المغرب المتجاوزة نسبتهم ال 40%، وأنه إذا كانت تلك الفئة استطاعت أن تُنحي كرامتها جانبا، وهي معذورة في ذلك بسبب الفقر المدقع، فإن أغلبية المغاربة تأبى نفوسهم الوقوف في الطوابير من أجل دجاجة أو سمكة أو قفة لا تغني ولا تسمن من جوع.

إن الشعب المغربي بمختلف فئاته، ومنهم الأكثر فقرا، لا يتوسل للكائنات السياسية من أجل دراهم معدودات أو كيلوغرامات محدودة من السلع، قد تغني من جوع يوم أو أكثر ولكنها لن تغني العمر كله، وإنما يريد حقوقه الكاملة، سواء كانت حقوق اقتصادية أو سياسية، حقوقا من شانها أن تحفظ للمواطن كرامته وألا تجعلها تداس من لدن محترفي السياسة ( ما أفظع ذلك المشهد الذي تظهر فيه مجموعة من النسوة في الأقاليم الجنوبية وهن يصطفن في طابور طويل قصد تسلمهن دجاجة من قبل الشبيبة الاستقلالية، في ظل وجود الكاميرا، مما حدا ببعضهن إلى تغطية وجوهن تحرجا).

فالصدقات التي تتبرع بها الكائنات السياسية، التي من المفروض أن تعطي للناس حقوقها بدل التصدق عليها، نقول أن تلك الصدقات لن توفر للناس تعليما حقيقيا من شأنه أن يفرز الأطباء والقضاة والعلماء وغيرهم من مختلف التخصصات اللازمة لتطور المجتمعات ورقيها؛ كما لن تضمن للمواطن المغربي صحة جيدة، تعفيه شر المعاناة أمام المستشفيات العمومية، وتوفر عليه صرف راتبه لدى المصحات الخاصة مقابل تدخلات طبية بسيطة.

وبالقطع لن تعفي (الصدقات) البعض من السكن في أشباه البيوت التي لا تقيهم من شر حرارة الصيف ولا برودة الشتاء، ولن تحول دون دفع البعض الأخر لنصف رواتبهم لتأمين شقق صغيرة وبالتالي بيع عمرهم بالسفتجة لمدة عقود؛ فضلا عن أن ما يتفضلون به على الناس لن يوفر للمواطن المغربي إدارة متطورة لا تنتهك فيها كرامته ويؤدي من جيبه مقابل أوراق إدارية تافهة، ولن قضاءا مستقلا تعود الحقوق، في ظله، وتشيع الحرية وينتعش الاقتصاد؛

ولن تضمن صدقاتهم للمغاربة اقتصادا حديثا مبنيا على التنافسية وعدم الاحتكار، اقتصاد يضمن حرية تنقل الأموال والرساميل ويحيطها بالحق في الوصول إلى المعلومة، بالشكل الذي لا يحال فيه بين المستثمر المغربي أو الأجنبي وبين استثمار أمواله دون دفع إتاوات للنافذين من النظام؛ ولن تحول دون منع آلاف العمال في المصانع والضيعات من حقوقهم ودون تعرضهم للطرد التعسفي، ومن تم يتحولون إلى طوابير تتسلم الصدقات؛ وبالتبع لن تصالح المواطن المغربي مع السياسة المغربية وأحزابها، وإنما بصدقاتكم هذه تدفعون من لم يعزف بعد عن السياسة أن يبادر بهجران الحزبية والتحزب، لأنها ، باختصار، لن تضمن للشعب المغربي توزيعا عادلا للثروة وتوزيعا عادلا للأجور واستفادة متساوية لأبناء المغرب مما تدره عليهم خيرات بلادهم.

إن المغاربة يتطلعون إلى نظام سياسي ديمقراطي ودولة تحفظ كرامة أبنائها، ولا تجعلهم محل سخرية، دولة توفر الشغل والصحة والتعليم الجيد لأبنائها، دولة تعلم الناس كيف يصطادون السمك بدل التصدق عليه بالدجاج أو الزيت.

لقد آن الأوان للفاعلين السياسيين أن يفهموا أن الوضع قد تغيير وأن يتوقفوا عن النظر للمغاربة كمجرد رعايا وجب أن يساقوا نحو أي إسطبل شيئ لهم. وأن لا يغر أصحاب القرار تلك الطوابير التي تقف أمامهم في انتظار زيارة أو ترقب الحصول على قفة. فأغلب، إن لم يكن كل، من يقف في تلك الطوابير هم مسجلون لدى السلطات المحلية ويوظفون في مثل هذه المناسبات لذات الغرض. ويجب أن يعلموا جيدا أن أغلبية المغاربة يعتصر قلوبهم الغضب عندما تنتهك كرامتهم أو يلمحوا المظاهر التي تحط من كرامة غيرهم.

نعلم جيدا أن مسألة الفقر في البلدان غير الديمقراطية تخضع للأجندات السياسية الضيقة ذات الرؤية القصيرة المدى، بحيث تضحي فئة الفقراء مهمة لاستمرارية الأنظمة السياسية وذلك عبر المتاجرة بهمومها واستغلالها في مختلف المناسبات. فغياب هذه الفئة يعني غياب الطوابير التي تنتظر بأن تتفضل عليها الكائنات السياسية بالصدقات والتبرعات. كما أن تمتع المواطن بحقوقه في ظل دولة القانون يفقد الكائنات السياسية متعة أخذ الصور أمام الكاميرات وهي تسلم بعض الزيت أو الدجاج لفئة من المواطنين، فضلا عن ارتباط فئة الفقراء بالعملية الانتخابية، إذ أن أعلى نسبة مشاركة تكون في المناطق الفقيرة وغير المتعلمة (نتحدث هنا عن البلدان غير الديمقراطية)، فغياب الفقراء يعني غياب من يحصل على المال مقابل الذهاب للإدلاء بصوته، علما انه ليس كل فقير يذهب إلى التصويت مقابل المال.

أتمنى ألا يغتر الفاعل السياسي بمظاهر الاستقرار وحالة الترقب التي تعم أغلب المغاربة، لأن من شان ذلك أن يفاجئ الجميع نظاما وشعبا. كما وجب على الأغلبية الصامتة من أبناء الشعب المغربي أن تغادر أغلال السلبية التي كبلت نفسها بها، وأن تتكتل ضمن هيئات المجتمع المدني الحقيقي (إذا لم تقتنع بما هو كائن وجب التفكير بتأسيس غيره)، لأنه قبل أن يكون للإنسان حق، عليه أن يكون لديه وعي به أولا، وأن يكون لديه تنظيم ثانيا، فبدون وعي بالحقوق وبدون تنظيمات مدنية تهدف إلى التعبير والتغيير السلميين لن يتغير الوضع. مع العلم بأن الإنتظارية والسلبية تقتلان الجميع، وكما قال أفلاطون "الثمن الذي يدفعه الطيبون، مقابل لا مبالاتهم بالشأن العام، هو أن يحكمهم الأشرار"، فهل يترك المغاربة تدبير أمورهم لأمثال موزعي الدجاج في العيون وغيرهم؟

0 التعليقات:

إرسال تعليق

صفحتي على الفايس بوك

ما تقييمك للموقع؟

فضائح نائب التعليم بتاونات

تطالب برحيل النائب الإقليمي UMT

إحتجاجات غير مسبوقة بتاونات

عدد الصفحات التي تمت زيارتها